تقديم
أن يدوّنَ المرءُ سيرةَ قِدّيسٍ أو رَجلٍ عظيمٍ فهو أمْرٌ سَهْل، أمّا أنْ يُدوِّنَ سيرةَ أمٍّ فاضلةٍ فهو صَعبٌ حقًّا، وكيفَ الحالُ إذا كانَتْ تلكَ السِّيرةُ الَّتي يُدوِّنُها الكاتِبُ هي سيرةَ والدتِه؟
فالحديث عن الأمِّ هو مِنْ أصعَبِ المواضيعِ الَّتي يتطرَّقُ إليها الإنسان. فهي الَّتي غذَّتْه بروحِها قبْلَ أن تُغذِّيَه بالحليب. هي الَّتي ربَّتْهُ بِدموعِ عينَيها، وحضنتْهُ بين ذراعيها، وضمّتْهُ إلى صَدرِها، ورافقَتْ تَحرّكاتِه وحركاتِه منْذُ تكوينِه جَنينًا في أحشائِها، إلى ولادَتِه ونُموِّهِ حتّى يُضحي شابًّا. هي الَّتي أحسَّتْ بِفرحِهِ وهو طِفل، وبمشاعِرِه وهو شابّ، وبِهمومِه ومَتاعِبِه ومعاناتِه. هي الَّتي تُعاني ما يُعانيهِ من قلقٍ إلى المستقبَلِ، وتَوقٍ إلى الحريَّةِ والانطلاق
أنْ يتكلَّمَ الإنسانُ عن أمِّهِ فهو يَتكلَّمُ على الأمومَةِ بِشكلٍ عامّ. فكُلُّ أمٍّ تَشعُرُ الشُّعورَ ذاتَهُ، وتَعيشُ المعاناةَ نفسَها، وتطمَحُ إلى مُستقبَلٍ باهرٍ لابنِها وابنتِها
الأمومةُ هي نَبعُ الحنانِ والمحبَّة، ومَصدَرُ العزاء والتَّعزيَة، ومنبَتُ الوَحْيِ والإلهام. الأمومةُ هي مَنبَعُ الفَرحِ والسَّعادَة، وقِمَّةُ العطاءِ والتَّضحيَة
الأمُّ كنزٌ ثَمين، صورتُها أجْملُ الصُوَر، وذِكراها أجْملُ ذكرى. هي أعظَمُ ما بَرا اللهُ من مَخلوقات، وأروعُ ما أبدَعَ مِن فَنّ، وأعذَبُ ما أَوجَدَ من حُضور
* * *
وهذه السيرةُ الَّتي بينَ يدَيك، أيّها القارئُ العَزيز، هي سيرةُ أمٍّ مِثلُ كثيرٍ مِنَ الأمّهات، عانَتْ ما عانَين، وقاسَتْ ما قاسَين، وتحمَّلَتْ ما تَحمَّلْن. فحَسْبُ هذه السيرةَ أن تَكونَ عُرفانَ جميلٍ لِكُلِّ الأمَّهات
هذه السيرةُ هي سيرةُ أمٍّ أحبَّتْ فضَحَّتْ، وأعطَتْ فأجْزَلَتْ
فما أعظَمَ الأمومَة!
* * *
أمّي، رَحَلْتِ بعدَ جِهادٍ طَويل، رحَلْتِ دَونَ أن تُودِّعي أحدًا. رحَلْتِ كما لو أنَّكِ تُريدينَ أنْ تَقولي إنَّكِ ما زِلتِ حاضِرَة
أمّي، أُعذُري دُموعي الَّتي انْهَمَرَتْ وأنا أدوّنُ سيرَتَك. أُعذُري كُلَّ تَقصيرٍ أو مُغالاة، كُلَّ عَملِ خيرٍ عمِلتِه أو كلمةَ حَقٍّ قُلتِها، خَطَّتْهُ يداي في هذه الصَّفَحات
أمّي، ذِكراك لا يُنسى، وحبُّكِ أقوى مِنَ الموْت
الخوري أنطوان الدّويهيّ
أن يدوّنَ المرءُ سيرةَ قِدّيسٍ أو رَجلٍ عظيمٍ فهو أمْرٌ سَهْل، أمّا أنْ يُدوِّنَ سيرةَ أمٍّ فاضلةٍ فهو صَعبٌ حقًّا، وكيفَ الحالُ إذا كانَتْ تلكَ السِّيرةُ الَّتي يُدوِّنُها الكاتِبُ هي سيرةَ والدتِه؟
فالحديث عن الأمِّ هو مِنْ أصعَبِ المواضيعِ الَّتي يتطرَّقُ إليها الإنسان. فهي الَّتي غذَّتْه بروحِها قبْلَ أن تُغذِّيَه بالحليب. هي الَّتي ربَّتْهُ بِدموعِ عينَيها، وحضنتْهُ بين ذراعيها، وضمّتْهُ إلى صَدرِها، ورافقَتْ تَحرّكاتِه وحركاتِه منْذُ تكوينِه جَنينًا في أحشائِها، إلى ولادَتِه ونُموِّهِ حتّى يُضحي شابًّا. هي الَّتي أحسَّتْ بِفرحِهِ وهو طِفل، وبمشاعِرِه وهو شابّ، وبِهمومِه ومَتاعِبِه ومعاناتِه. هي الَّتي تُعاني ما يُعانيهِ من قلقٍ إلى المستقبَلِ، وتَوقٍ إلى الحريَّةِ والانطلاق
أنْ يتكلَّمَ الإنسانُ عن أمِّهِ فهو يَتكلَّمُ على الأمومَةِ بِشكلٍ عامّ. فكُلُّ أمٍّ تَشعُرُ الشُّعورَ ذاتَهُ، وتَعيشُ المعاناةَ نفسَها، وتطمَحُ إلى مُستقبَلٍ باهرٍ لابنِها وابنتِها
الأمومةُ هي نَبعُ الحنانِ والمحبَّة، ومَصدَرُ العزاء والتَّعزيَة، ومنبَتُ الوَحْيِ والإلهام. الأمومةُ هي مَنبَعُ الفَرحِ والسَّعادَة، وقِمَّةُ العطاءِ والتَّضحيَة
الأمُّ كنزٌ ثَمين، صورتُها أجْملُ الصُوَر، وذِكراها أجْملُ ذكرى. هي أعظَمُ ما بَرا اللهُ من مَخلوقات، وأروعُ ما أبدَعَ مِن فَنّ، وأعذَبُ ما أَوجَدَ من حُضور
* * *
وهذه السيرةُ الَّتي بينَ يدَيك، أيّها القارئُ العَزيز، هي سيرةُ أمٍّ مِثلُ كثيرٍ مِنَ الأمّهات، عانَتْ ما عانَين، وقاسَتْ ما قاسَين، وتحمَّلَتْ ما تَحمَّلْن. فحَسْبُ هذه السيرةَ أن تَكونَ عُرفانَ جميلٍ لِكُلِّ الأمَّهات
هذه السيرةُ هي سيرةُ أمٍّ أحبَّتْ فضَحَّتْ، وأعطَتْ فأجْزَلَتْ
فما أعظَمَ الأمومَة!
* * *
أمّي، رَحَلْتِ بعدَ جِهادٍ طَويل، رحَلْتِ دَونَ أن تُودِّعي أحدًا. رحَلْتِ كما لو أنَّكِ تُريدينَ أنْ تَقولي إنَّكِ ما زِلتِ حاضِرَة
أمّي، أُعذُري دُموعي الَّتي انْهَمَرَتْ وأنا أدوّنُ سيرَتَك. أُعذُري كُلَّ تَقصيرٍ أو مُغالاة، كُلَّ عَملِ خيرٍ عمِلتِه أو كلمةَ حَقٍّ قُلتِها، خَطَّتْهُ يداي في هذه الصَّفَحات
أمّي، ذِكراك لا يُنسى، وحبُّكِ أقوى مِنَ الموْت
الخوري أنطوان الدّويهيّ