المقدِّمة
وقال لي: حدِّثني عن الحنان
فقلتُ: من يتكلّمُ على الحنان ينظرُ إلى وجهِ الأم. مَنْ يُريدُ أن يختبرَ الحنان، فليعاشِرِ الأم، مَنْ يرغبُ في الحنان، فليتوجَّه إلى الأم. فالأم هي الحنان، هي المحبّة، هي التضحية، والحنان هو والأم توأمان
وقال لي: ألا نكتشفُ الحنان إلاّ في وجهِ الأم؟
فقلت: تُعطي الأم ابنَها الحنانَ فيعيشُ مملوءًا حنانًا ويعطي غيرَه حنانًا
وقال لي: من أين تستقي الأم الحنان؟
فقلت: مِنْ ربِّ الحنان، فهو الحنانُ والحنّان، وهو الحبُّ والمحبّة وهو التضحية، هو المضحِّي والضحيَّة، وما الأم سوى صورةٍ مصغّرةٍ عن الله. فالله هو أبٌ وأم معًا. فلا نعرفُ الله إلاّ بقدْرِ ما يُظهِرُ حبّه للبشر، أليس هو القائل: "كمَن تعزِّيه أمّه أعزّيه أنا"؟ (أش 66: 13). يُستقى التشبيهُ من الأم ولكنّه يفوقُ الأم بأضعاف، فهو القائلُ أيضًا: "أتنسى المرأةُ رضيعَها، فلا ترحمُ ابنَ بطنِها؟ حتى ولو نسيَتِ النساء فأنا لا أنساك" (أش 49: 15). نكتشفُ هنا عمقَ حنان الله الذي لا يعرفُ أن ينسى لأنّه المحبّةُ والحنان. هو أمّ بقدْر ما هو أب. هو الله لأنّه أبٌ وأم في آنٍ معًا
قال الله ليونان: "أشفقتَ أنت على اليقطينةِ التي لم تتعَبْ فيها ولا ربّيتَها، وإنّما طلعَتْ في ليلةٍ ثم هلكَتْ في ليلة، فلا أشفقُ أنا على نينوى العظيمة التي فيها أكثرُ من مئةٍ وعشرين ألفِ نسمة؟
في مثَلِ الابنِ الشاطر يغفرُ الأبُ خطيئةَ ابنِه ويحنو عليه يقبِّلُه قبلةَ الأم وحنوّها وحنانَها. أليسَ حنانُ الأم هو الذي دفعَ يسوعَ ليغفِرَ للخاطئة؟ نراه يضمُّ الأولادَ إلى صدرِه كما الدجاجةُ تحضِنُ فراخَها وهو يقول: "دعوا الأطفالَ يأتون إليّ لا تمنعوهم، فلهؤلاء ملكوت الله". حنانُ الأمِّ جعلَه يحزَنُ على الغنيّ الذي مضى حزينًا، فقال بحسرة: "ما أعسرَ على الغنيّ دخولَ ملكوت الله...". وكان يسوعُ يشفِقُ على الجموع التي لازمَتْه طوالَ ثلاثةِ أيّام
فقال لي: أحبّ الله لأنّه الحنان، أحبّ لأنّه أمّ بقدرِ ما هو أب. هو أمّي وهو أبي وهو كلُّ حياتي
وأرادَ الله أنْ يُظهرَ نفسَه في العالم فظهرَ في صورةِ الأمّ. وتجسَّدَ في صورةِ الابن
* * *
"حدِّثني عن الأمّ"، كتابٌ صغير يحتوي على معانٍ كثيرة وقيِّمة عن الأمِّ، رمزِ الحنانِ والتضحية
جعلْه زادًا صباحيًّا يوميًّا يُغذِّك في دربِ الحياة، أو تأمُّلاً صغيرًا ليومِكَ الطويل. استقِ منه كلَّما شعرتَ بحاجةٍ إلى معونة. لا تنهلْهُ دفعةً واحدة لئلاّ تخسَرَ معانيه الغزيرة. ألا تحتاجُ الأمُّ إلى مَن يُفكِّرُ بها بين حين وآخر؟
الخوري أنطوان الدويهيّ
وقال لي: حدِّثني عن الحنان
فقلتُ: من يتكلّمُ على الحنان ينظرُ إلى وجهِ الأم. مَنْ يُريدُ أن يختبرَ الحنان، فليعاشِرِ الأم، مَنْ يرغبُ في الحنان، فليتوجَّه إلى الأم. فالأم هي الحنان، هي المحبّة، هي التضحية، والحنان هو والأم توأمان
وقال لي: ألا نكتشفُ الحنان إلاّ في وجهِ الأم؟
فقلت: تُعطي الأم ابنَها الحنانَ فيعيشُ مملوءًا حنانًا ويعطي غيرَه حنانًا
وقال لي: من أين تستقي الأم الحنان؟
فقلت: مِنْ ربِّ الحنان، فهو الحنانُ والحنّان، وهو الحبُّ والمحبّة وهو التضحية، هو المضحِّي والضحيَّة، وما الأم سوى صورةٍ مصغّرةٍ عن الله. فالله هو أبٌ وأم معًا. فلا نعرفُ الله إلاّ بقدْرِ ما يُظهِرُ حبّه للبشر، أليس هو القائل: "كمَن تعزِّيه أمّه أعزّيه أنا"؟ (أش 66: 13). يُستقى التشبيهُ من الأم ولكنّه يفوقُ الأم بأضعاف، فهو القائلُ أيضًا: "أتنسى المرأةُ رضيعَها، فلا ترحمُ ابنَ بطنِها؟ حتى ولو نسيَتِ النساء فأنا لا أنساك" (أش 49: 15). نكتشفُ هنا عمقَ حنان الله الذي لا يعرفُ أن ينسى لأنّه المحبّةُ والحنان. هو أمّ بقدْر ما هو أب. هو الله لأنّه أبٌ وأم في آنٍ معًا
قال الله ليونان: "أشفقتَ أنت على اليقطينةِ التي لم تتعَبْ فيها ولا ربّيتَها، وإنّما طلعَتْ في ليلةٍ ثم هلكَتْ في ليلة، فلا أشفقُ أنا على نينوى العظيمة التي فيها أكثرُ من مئةٍ وعشرين ألفِ نسمة؟
في مثَلِ الابنِ الشاطر يغفرُ الأبُ خطيئةَ ابنِه ويحنو عليه يقبِّلُه قبلةَ الأم وحنوّها وحنانَها. أليسَ حنانُ الأم هو الذي دفعَ يسوعَ ليغفِرَ للخاطئة؟ نراه يضمُّ الأولادَ إلى صدرِه كما الدجاجةُ تحضِنُ فراخَها وهو يقول: "دعوا الأطفالَ يأتون إليّ لا تمنعوهم، فلهؤلاء ملكوت الله". حنانُ الأمِّ جعلَه يحزَنُ على الغنيّ الذي مضى حزينًا، فقال بحسرة: "ما أعسرَ على الغنيّ دخولَ ملكوت الله...". وكان يسوعُ يشفِقُ على الجموع التي لازمَتْه طوالَ ثلاثةِ أيّام
فقال لي: أحبّ الله لأنّه الحنان، أحبّ لأنّه أمّ بقدرِ ما هو أب. هو أمّي وهو أبي وهو كلُّ حياتي
وأرادَ الله أنْ يُظهرَ نفسَه في العالم فظهرَ في صورةِ الأمّ. وتجسَّدَ في صورةِ الابن
* * *
"حدِّثني عن الأمّ"، كتابٌ صغير يحتوي على معانٍ كثيرة وقيِّمة عن الأمِّ، رمزِ الحنانِ والتضحية
جعلْه زادًا صباحيًّا يوميًّا يُغذِّك في دربِ الحياة، أو تأمُّلاً صغيرًا ليومِكَ الطويل. استقِ منه كلَّما شعرتَ بحاجةٍ إلى معونة. لا تنهلْهُ دفعةً واحدة لئلاّ تخسَرَ معانيه الغزيرة. ألا تحتاجُ الأمُّ إلى مَن يُفكِّرُ بها بين حين وآخر؟
الخوري أنطوان الدويهيّ