المقدّمة
لا تَخلو كتابةُ حياةِ القدّيسةِ بِربارة من مُخاطَرَة كبيرة. أسئلةٌ كثيرةٌ تَدورُ حَولَ مَكانِ وِلادتِها ومكانِ استِشْهادِها. دوَّنَ حياتَها كثيرٌ مِنَ المُؤرّخينَ والكتّاب. مِنهم مَن أعادَ ولادتَها إلى نيقوميذيا في بثينيا، من أعمالِ اليونان. ومنهم مَن جعلَ استشهادَها في مدينةِ هيليوبوليسَ في مِصر. وآخرون، وهم قلَّة، مَن جعلوا ولادَتَها ووفاتَها في مدينةِ هيليوبوليس الفينيقيّة – اللبنانيّة أي بَعلبكّ. بلْ حاولَ الكثيرون تأكيدَ انتسابِها إلى هيليوبوليسَ المصريّة ونَفي ارتباطِها بالمدينة الفينيقيّة. خُطوةٌ جريئةٌ نقومُ بها نُحاولُ من خلالِها إظهارَ وجهٍ تألّقَ في سماء العالم، منذُ بداياتِ التَّاريخ المسيحيّ، هو مِن أرضِنا وطينتِنا، لا يَمتُّ إلى اليونانِ بصِلَة، ولا إلى المصريّين بقَرابة. وجهٌ مَشرقيّ فينيقيٌّ أصيل، بل لبنانيّ، هو مِن أوائل الَّذينَ قدَّموا حياتَهم في هذا البلدِ مِن أجلِ إيمانِه المسيحيّ
* * *
كثُرٌ همُ الَّذين طلبوا منّي تدوينَ هذه السِّيرةِ لِشهيدةٍ ما برِحَ أريجُ قداستِها مُنتشِرًا في أوساطِنا ومجتمعاتِنا. ولا زالَ ذِكرُها في قلوبِ الأطفالِ أكثرَ منهُ في عقولِ الكبار، لِما تترُكُ التَّقاليدُ الجميلةُ، ليلةَ تَذكارِها، في النَّفْسِ من مَشاعرِ الفرَح والبهجة، والتَّسلية والإلفة. بينما تساءلَ آخرون ماذا أستطيعُ أنْ أضيفَ إلى ما دُوِّنَ في السنكسارات الَّتي تَذكُرُ حياةَ هذه القدّيسةِ بإسهاب أو باقتضاب، وما دوّنَتْهُ أيادٍ بيضاءُ حاولَتْ أنْ تضفي بعضَ الأساطيرِ والرواياتِ على سيرتِها
* * *
قرأتُ، حوْلَ سيرةِ هذه البطلةِ الشَّهيدة، جميعَ المراجِعِ العربيَّةِ الَّتي وقعَتْ بينَ يَدَيّ. وراجَعْتُ ما دُوِّنَ في اللُّغاتِ الأجنبيَّةِ وعَبْرَ الأنترنيت. وها أنا أقدِّمُ للقرّاءِ الكرامِ خُلاصَةَ ما تَوصَّلْتُ إليه مِنْ مَعلوماتٍ عَنْ حياتِها، معَ المحافظَةِ على الأسلوبِ الخاصِّ الَّذي امتازَتْ بهِ مُؤلَّفاتي. لا أدَّعي أنّي وصلْتُ إلى الحقيقةِ الكاملةِ في سيرَة هذه البطلةِ الأسطورة بل يَبقى البابُ مُشرَّعًا أمامَ كُلِّ باحِثٍ وناقِبٍ يَرغَبُ في إكمالِ الحقيقةِ وإظهارِها
* * *
هي طفلةٌ وحيدةٌ لا أخَ لها ولا أخت
هي طفلةٌ وحيدةٌ فَقدَتِ الأمَّ الحنونَ وأضحَتْ يَتيمَةً وهي لمّا تَزَلْ في أسبوعِها الأوَّل
هي فتاةٌ وحيدةٌ اختبَرَتِ السِّجنَ منذُ طفولتِها في كنَفِ بيتِها الوالديّ
هي فتاةٌ وحيدةٌ اكتسَبَتْ في غُضونِ سَنواتٍ قَليلةٍ ثَقافةً عالية
هي فتاةٌ وحيدةٌ تَعرفَّتْ إلى المسيح وراسَلَتْ أشهرَ اللاهوتيّينَ في عصرِها، واعتنَقَتِ الإيمان، وَسْطَ عالَمٍ وثنيّ
هي شابّةٌ وحيدةٌ استطاعَتْ أنْ تَمحوَ مَعالِمَ الوثنيّةِ في دارِها وتضَعَ رموزًا للثَّالوثِ للتَّأمُّلِ بِها
هي وحيدةٌ لأنَّها استطاعَتْ أنْ تقِفَ في وجهِ أبيها ووجهِ الحاكم وتُعلنَ إيمانَها بالمسيحِ بكلِّ جُرأةٍ وشجاعَة
هي الوحيدةُ الَّتي استُشهِدَتْ على يَدِ والدِها
هي الوحيدةُ الَّتي حافَظَ التَّقليدُ على مَظاهرِ تَكريمِها بِطريقةٍ فولكلوريَّة لا تَخلو منَ المرَحِ والتَّسليةِ إلى حدٍّ جعلِها أسطورةَ الأساطير
هي شفيعةٌ المُهندسينَ والبنّائينَ والنَّحّاتينَ وسواهُم
هي بنتُ لبنان، وأرزَةٌ من أرزاتِه الخالداتِ الشَّامخاتِ أبدًا نحو الأعالي. هي الشهيدةُ القدّيسة بربارَةُ البَعلبكّيّة
* * *
في هذه السيرة جعَلْنا خادمةَ القدّيسةِ بَربارة تَتكلَّمُ مُباشرةً لِنجعَلَ الأسلوبَ مُغايِرًا عن الكتُبِ السَّابقَةِ معَ المحافظةِ على الحوارِ الَّذي يُضفي على النَّصِّ نَفحةً حياتيَّة. كما استَعنّا بالخوري بولس الفغالي، الضَّليعِ في الكتابِ المقدّسِ لكي يُعطيَنا نَظرةً عن مدينةِ الشمسِ بعلبكَّ وحوْلَ مِعنى الاستشهادِ في الكتابِ المُقدَّسِ بِعَهدَيه القديمِ والجديد
الخوري أنطوان الدويهيّ
لا تَخلو كتابةُ حياةِ القدّيسةِ بِربارة من مُخاطَرَة كبيرة. أسئلةٌ كثيرةٌ تَدورُ حَولَ مَكانِ وِلادتِها ومكانِ استِشْهادِها. دوَّنَ حياتَها كثيرٌ مِنَ المُؤرّخينَ والكتّاب. مِنهم مَن أعادَ ولادتَها إلى نيقوميذيا في بثينيا، من أعمالِ اليونان. ومنهم مَن جعلَ استشهادَها في مدينةِ هيليوبوليسَ في مِصر. وآخرون، وهم قلَّة، مَن جعلوا ولادَتَها ووفاتَها في مدينةِ هيليوبوليس الفينيقيّة – اللبنانيّة أي بَعلبكّ. بلْ حاولَ الكثيرون تأكيدَ انتسابِها إلى هيليوبوليسَ المصريّة ونَفي ارتباطِها بالمدينة الفينيقيّة. خُطوةٌ جريئةٌ نقومُ بها نُحاولُ من خلالِها إظهارَ وجهٍ تألّقَ في سماء العالم، منذُ بداياتِ التَّاريخ المسيحيّ، هو مِن أرضِنا وطينتِنا، لا يَمتُّ إلى اليونانِ بصِلَة، ولا إلى المصريّين بقَرابة. وجهٌ مَشرقيّ فينيقيٌّ أصيل، بل لبنانيّ، هو مِن أوائل الَّذينَ قدَّموا حياتَهم في هذا البلدِ مِن أجلِ إيمانِه المسيحيّ
* * *
كثُرٌ همُ الَّذين طلبوا منّي تدوينَ هذه السِّيرةِ لِشهيدةٍ ما برِحَ أريجُ قداستِها مُنتشِرًا في أوساطِنا ومجتمعاتِنا. ولا زالَ ذِكرُها في قلوبِ الأطفالِ أكثرَ منهُ في عقولِ الكبار، لِما تترُكُ التَّقاليدُ الجميلةُ، ليلةَ تَذكارِها، في النَّفْسِ من مَشاعرِ الفرَح والبهجة، والتَّسلية والإلفة. بينما تساءلَ آخرون ماذا أستطيعُ أنْ أضيفَ إلى ما دُوِّنَ في السنكسارات الَّتي تَذكُرُ حياةَ هذه القدّيسةِ بإسهاب أو باقتضاب، وما دوّنَتْهُ أيادٍ بيضاءُ حاولَتْ أنْ تضفي بعضَ الأساطيرِ والرواياتِ على سيرتِها
* * *
قرأتُ، حوْلَ سيرةِ هذه البطلةِ الشَّهيدة، جميعَ المراجِعِ العربيَّةِ الَّتي وقعَتْ بينَ يَدَيّ. وراجَعْتُ ما دُوِّنَ في اللُّغاتِ الأجنبيَّةِ وعَبْرَ الأنترنيت. وها أنا أقدِّمُ للقرّاءِ الكرامِ خُلاصَةَ ما تَوصَّلْتُ إليه مِنْ مَعلوماتٍ عَنْ حياتِها، معَ المحافظَةِ على الأسلوبِ الخاصِّ الَّذي امتازَتْ بهِ مُؤلَّفاتي. لا أدَّعي أنّي وصلْتُ إلى الحقيقةِ الكاملةِ في سيرَة هذه البطلةِ الأسطورة بل يَبقى البابُ مُشرَّعًا أمامَ كُلِّ باحِثٍ وناقِبٍ يَرغَبُ في إكمالِ الحقيقةِ وإظهارِها
* * *
هي طفلةٌ وحيدةٌ لا أخَ لها ولا أخت
هي طفلةٌ وحيدةٌ فَقدَتِ الأمَّ الحنونَ وأضحَتْ يَتيمَةً وهي لمّا تَزَلْ في أسبوعِها الأوَّل
هي فتاةٌ وحيدةٌ اختبَرَتِ السِّجنَ منذُ طفولتِها في كنَفِ بيتِها الوالديّ
هي فتاةٌ وحيدةٌ اكتسَبَتْ في غُضونِ سَنواتٍ قَليلةٍ ثَقافةً عالية
هي فتاةٌ وحيدةٌ تَعرفَّتْ إلى المسيح وراسَلَتْ أشهرَ اللاهوتيّينَ في عصرِها، واعتنَقَتِ الإيمان، وَسْطَ عالَمٍ وثنيّ
هي شابّةٌ وحيدةٌ استطاعَتْ أنْ تَمحوَ مَعالِمَ الوثنيّةِ في دارِها وتضَعَ رموزًا للثَّالوثِ للتَّأمُّلِ بِها
هي وحيدةٌ لأنَّها استطاعَتْ أنْ تقِفَ في وجهِ أبيها ووجهِ الحاكم وتُعلنَ إيمانَها بالمسيحِ بكلِّ جُرأةٍ وشجاعَة
هي الوحيدةُ الَّتي استُشهِدَتْ على يَدِ والدِها
هي الوحيدةُ الَّتي حافَظَ التَّقليدُ على مَظاهرِ تَكريمِها بِطريقةٍ فولكلوريَّة لا تَخلو منَ المرَحِ والتَّسليةِ إلى حدٍّ جعلِها أسطورةَ الأساطير
هي شفيعةٌ المُهندسينَ والبنّائينَ والنَّحّاتينَ وسواهُم
هي بنتُ لبنان، وأرزَةٌ من أرزاتِه الخالداتِ الشَّامخاتِ أبدًا نحو الأعالي. هي الشهيدةُ القدّيسة بربارَةُ البَعلبكّيّة
* * *
في هذه السيرة جعَلْنا خادمةَ القدّيسةِ بَربارة تَتكلَّمُ مُباشرةً لِنجعَلَ الأسلوبَ مُغايِرًا عن الكتُبِ السَّابقَةِ معَ المحافظةِ على الحوارِ الَّذي يُضفي على النَّصِّ نَفحةً حياتيَّة. كما استَعنّا بالخوري بولس الفغالي، الضَّليعِ في الكتابِ المقدّسِ لكي يُعطيَنا نَظرةً عن مدينةِ الشمسِ بعلبكَّ وحوْلَ مِعنى الاستشهادِ في الكتابِ المُقدَّسِ بِعَهدَيه القديمِ والجديد
الخوري أنطوان الدويهيّ