تقديم
كثُرَتْ في الأيّامِ الأخيرةِ الأسئلةُ حولَ حياةِ القدّيسِ جرجس الشَّهيد. فلا معلوماتٍ دقيقةً حولَها. وسُئِلتُ مرارًا: "أبتِ، لماذا لا تُدوِّنُ سيرةَ هذا البطلِ الَّذي لا نَعرفُ عنهُ سوى ما نَراهُ في الصُّورةِ أو الأيقونة؟" لذا، وجدتُني أجلسُ وراءَ مكتبي وأبدأُ بتَدوينِ هذه السيرة بعدَما جَمّعتُ مَعلوماتٍ كثيرةً، استقَيْتُها من أكثرَ من كِتابٍ ومَقالة، وسكبْتُها بأسلوبي الخاصِّ الَّذي يَغلِبُ عليه طابعُ الحوار المحبَّبِ لَدى القرّاء الكرام
* * *
لم ينَلْ أحدٌ من القدّيسين ولا سيّما الشُّهداء في الشَّرقِ والغرب، ما نالَ القدّيسُ جرجس الشهيدُ من تكريمٍ ومجد. فقد انتشرَ اسْمُهُ في العالَمِ المسيحيِّ كُلِّهِ، منذ القرنِ الخامِس ولمّا يزَلْ ذكرُهُ فَوّاحًا في قلوبِ الكثيرين
* * *
أقدمُ المراجِعِ الَّتي دَوّنت "روايةَ آلامِ" القدّيسِ جرجس تعودُ إلى القرنِ الخامِس. وقدْ وصلَتْ إلينا شذراتٌ منها باللغةِ اليونانيّة، استطاعَ العُلماءُ أنْ يُقدِّموها لنا كاملةً بِواسطةِ مَخطوطاتٍ لاتينيّةٍ قديمة، تعودُ إلى حقبةٍ مُتأخِّرَةٍ قليلاً. هذه المخطوطاتُ تُلقي الأضواءَ على ما ضاعَ من المراجعِ اليونانيّة
* * *
أمّا حياةُ القدّيسِ جرجس فقد مَرّتْ بِحِقباتٍ كثيرة، وتلاعبَتْ بها أيدي الكُتّابِ لما تِحمِلُ السِّيرةُ الرئيسيَّةُ من قِصَصٍ أسطوريّةٍ لا يَتقبَّلُها العقلُ البَشريّ بسهولة
هذا بالإضافةِ إلى أنّ كلَّ قصَّةٍ تذكرُ أماكنَ مُتعدِّدَةٍ مُختلِفَةٍ عن غيرِها من القِصص، عاشَ فيها القدّيسُ جرجس، في عهودٍ لِملوكٍ عَديدين. أقدمُ تلكَ القِصَص وأشهرُها على الإطلاق تلكَ الَّتي تَجعلُ القدّيسَ جرجس مُواطِنًا من مِنطقةِ كبادوكية في عهد داتيانُس الإمبراطورِ الفارسيّ، الَّذي جعلَ حولَهُ مُلوكًا بلغَ عددُهُم 72 ملِكًا. وقد أصدرَ هذا الإمبراطورُ أمرًا بِتعذيبِ المسيحيّين، ومِن بينِهم جرجسَ الضابطِ المسيحيِّ الَّذي لاقى العذابَ والموت. وكان اللهُ يُقيمُهُ مُجدّدًا من بين الأمواتِ لِثلاثِ دَفَعاتٍ مُتتاليةٍ إلى أن قُطِعَ رأسُهُ ونال إكليلَ الشَّهادَةِ سنة 303م
* * *
أمّا القصَّةُ الَّتي نُدوِّنُها هنا، وهي الأكثرُ انتِشارًا، فهي مأخوذَةٌ من الأصْلِ اليونانيّ، وقد تبدَّلَتْ معالِمُها بعدَما حُذِفَ منها ما هو أُسطوريّ، فحَلَّ مَكانَ الإحياءِ الثُلاثيِّ للقِدّيس جرجس، شفاءاتٌ عَديدةٌ وظُهورٌ للمسيحِ على القدّيسِ مَرّاتٍ عديدة. هذه التَّغييراتُ أعطَتْ للقِصَّةِ قِيمةً روحيَّةً كبيرة، وهي تَرمُزُ إلى حُضورِ اللهِ معَ القِدّيسِ ولا سيَّما في أثناءِ العَذابِ والألَم
الخوري أنطوان الدويهيّ
كثُرَتْ في الأيّامِ الأخيرةِ الأسئلةُ حولَ حياةِ القدّيسِ جرجس الشَّهيد. فلا معلوماتٍ دقيقةً حولَها. وسُئِلتُ مرارًا: "أبتِ، لماذا لا تُدوِّنُ سيرةَ هذا البطلِ الَّذي لا نَعرفُ عنهُ سوى ما نَراهُ في الصُّورةِ أو الأيقونة؟" لذا، وجدتُني أجلسُ وراءَ مكتبي وأبدأُ بتَدوينِ هذه السيرة بعدَما جَمّعتُ مَعلوماتٍ كثيرةً، استقَيْتُها من أكثرَ من كِتابٍ ومَقالة، وسكبْتُها بأسلوبي الخاصِّ الَّذي يَغلِبُ عليه طابعُ الحوار المحبَّبِ لَدى القرّاء الكرام
* * *
لم ينَلْ أحدٌ من القدّيسين ولا سيّما الشُّهداء في الشَّرقِ والغرب، ما نالَ القدّيسُ جرجس الشهيدُ من تكريمٍ ومجد. فقد انتشرَ اسْمُهُ في العالَمِ المسيحيِّ كُلِّهِ، منذ القرنِ الخامِس ولمّا يزَلْ ذكرُهُ فَوّاحًا في قلوبِ الكثيرين
* * *
أقدمُ المراجِعِ الَّتي دَوّنت "روايةَ آلامِ" القدّيسِ جرجس تعودُ إلى القرنِ الخامِس. وقدْ وصلَتْ إلينا شذراتٌ منها باللغةِ اليونانيّة، استطاعَ العُلماءُ أنْ يُقدِّموها لنا كاملةً بِواسطةِ مَخطوطاتٍ لاتينيّةٍ قديمة، تعودُ إلى حقبةٍ مُتأخِّرَةٍ قليلاً. هذه المخطوطاتُ تُلقي الأضواءَ على ما ضاعَ من المراجعِ اليونانيّة
* * *
أمّا حياةُ القدّيسِ جرجس فقد مَرّتْ بِحِقباتٍ كثيرة، وتلاعبَتْ بها أيدي الكُتّابِ لما تِحمِلُ السِّيرةُ الرئيسيَّةُ من قِصَصٍ أسطوريّةٍ لا يَتقبَّلُها العقلُ البَشريّ بسهولة
هذا بالإضافةِ إلى أنّ كلَّ قصَّةٍ تذكرُ أماكنَ مُتعدِّدَةٍ مُختلِفَةٍ عن غيرِها من القِصص، عاشَ فيها القدّيسُ جرجس، في عهودٍ لِملوكٍ عَديدين. أقدمُ تلكَ القِصَص وأشهرُها على الإطلاق تلكَ الَّتي تَجعلُ القدّيسَ جرجس مُواطِنًا من مِنطقةِ كبادوكية في عهد داتيانُس الإمبراطورِ الفارسيّ، الَّذي جعلَ حولَهُ مُلوكًا بلغَ عددُهُم 72 ملِكًا. وقد أصدرَ هذا الإمبراطورُ أمرًا بِتعذيبِ المسيحيّين، ومِن بينِهم جرجسَ الضابطِ المسيحيِّ الَّذي لاقى العذابَ والموت. وكان اللهُ يُقيمُهُ مُجدّدًا من بين الأمواتِ لِثلاثِ دَفَعاتٍ مُتتاليةٍ إلى أن قُطِعَ رأسُهُ ونال إكليلَ الشَّهادَةِ سنة 303م
* * *
أمّا القصَّةُ الَّتي نُدوِّنُها هنا، وهي الأكثرُ انتِشارًا، فهي مأخوذَةٌ من الأصْلِ اليونانيّ، وقد تبدَّلَتْ معالِمُها بعدَما حُذِفَ منها ما هو أُسطوريّ، فحَلَّ مَكانَ الإحياءِ الثُلاثيِّ للقِدّيس جرجس، شفاءاتٌ عَديدةٌ وظُهورٌ للمسيحِ على القدّيسِ مَرّاتٍ عديدة. هذه التَّغييراتُ أعطَتْ للقِصَّةِ قِيمةً روحيَّةً كبيرة، وهي تَرمُزُ إلى حُضورِ اللهِ معَ القِدّيسِ ولا سيَّما في أثناءِ العَذابِ والألَم
الخوري أنطوان الدويهيّ